أشباح الفيرساي .. قصة اغرب من الخيال

البحث عن الحقيقة
عندما عادتا إلى انكلترا بعد ثلاثة أشهر , بدئن يبحثن في تاريخ الفيرساي و حدائقه , و في العام التالي ذهبن إلى فرنسا للبحث عن خرائط قديمة للقصر و حدائقه , و بدئت الأمور تنجلي شيئا فشيئا , فخلال السنوات العشر التالية توصلت المرأتان إلى حقائق مذهلة.

فقد عرفن انه في يوم 10 آب / أغسطس عام 1792 , سيطر الثوار على القصر الملكي في باريس و شاهد الملك و الملكة بأم أعينهم مقتل جميع أفراد الحرس الملكي , و في ذلك اليوم ألغيت الملكية في فرنسا , و علمتا أن الرجلين الذين كانا يرتديان سترا خضراء طويلة هم من خدم الملكة لأن هؤلاء فقط كان يسمح لهم بارتداء الزي الأخضر , و إن الرجل الذي كان ينتظر قرب العريشة هو من أعداء الملكة و اسمه (Comte de Vaudreuil ) , و ان الفارس الوسيم الذي ظهر فجأة هو رسول كان قد أرسل إلى الملكة لتحذيرها من زحف الثوار نحو القصر , أما السيدة التي كانت تجلس في حديقة البيتي ترينون , فلم تكن سوى ماري أنطوانيت ملكة فرنسا , كما عثرن أثناء بحثهن في الخرائط القديمة على تصاميم قديمة للحدائق , و استطعن التعرف على الطريق الذي سلكنه في يوم الحادثة , كما استطعن تحديد مكان الكوخ ذو العتبة الحجرية و العريشة , و في عام 1903 كانت المفاجأة الكبرى عندما وجدن خارطة قديمة و نادرة تظهر وجود قنطرة تؤدي إلى قصر البيتي ترينون و هو ما لم يكن مثبتا على أي خريطة أخرى حتى ذلك الزمان.
ماذا حدث حقا في البيتي ترينون ؟

لسنوات عديدة و حتى بعد وفاة الآنسة جورديان المفاجئ عام 1924 و وفاة الآنسة موبرلي عام 1937 , ظل الجدل حول ما رأته المرأتان في حدائق الفيرساي قائما , البعض يعتقد ان ما شاهدنه في ذلك اليوم كانت حادثة حقيقة و ان تجربتهن هذه تسمى تداخل الأبعاد و الأزمان , حيث يطل الماضي على الحاضر او بالعكس , و هي نظرية لم تثبت علميا , و هذا البعض المؤيد يستند إلى شخصية الآنسة موبرلي و جورديان , فقد كانتا من الشخصيات الأكاديمية المثقفة و المحترمة مما يبعد عنهما شبهة تلفيق الحادثة , كما ان الأدلة و الشواهد التي ذكرتاها حول ما رأينه في ذلك اليوم تثبت أنهن مررن حقا بتلك التجربة.

في المقابل فأن فريق المشككين يوردون عدد من الحجج لدحض القصة , إحداها ان ما شاهدته المرأتان في ذلك اليوم لم يكن سوى أشخاص مشاركين في إحدى الحفلات التنكرية , حيث ان المنطقة القريبة من الحدائق كانت مأهولة بعدة ضياع يملكها الأغنياء و لم يكن غريبا او نادرا عمل هكذا حفلات , لكن العيب في هذه الحجة هي أنها لا تفسر تغير تصميم الحديقة , فأحتمال وجود حفلة تنكرية وارد طبعا لكن تغيير تصميم الحديقة في يوم واحد ثم إعادته لما كان عليه غير وارد أبدا.

حجة أخرى يوردها المشككون , هي ان ما رأته المرأتين في ذلك اليوم لم يكن سوى نوع من الهلوسة الجماعية و لهذا السبب فأن هناك أشياء رأتها الآنسة موبرلي و لم ترها الآنسة جورديان و بالعكس , و ان الفترة الطويلة التي قضيناها في البحث حول الأدلة التاريخية قد حولت هذه الهلوسة في دماغهن إلى حقيقة , و هي حالة موجودة عند اغلب الناس , فأحيانا نرى أشخاص او أماكن للمرة الأولى و لكن يسيطر علينا إحساس قوي بأننا شاهدناها سابقا.

و تبقى الحجة الأخيرة للمشككين , و هي الأقوى , بأن المرأتين بينما كانتا معا في فرنسا او في حدائق الفيرساي قررتا تلفيق هذه القصة بالكامل , ربما لغرض التسلية ثم تحول الأمر بالتدريج الى ما يشبه النكتة او المزحة التي لا يمكن التراجع عنها , او ربما لغرض الشهرة , لكن ما يضعف هذه الحجة هي ان الكتاب الذي صدر حول هذه القضية كان بأسماء مستعارة و لم تكشف الأسماء الحقيقية الا عام 1930 أي بعد وفاة الآنسة جورديان بستة أعوام.
صورة لماري انطوانيت ملكة فرنسا في عز شبابها و اوج جمالها , يا ترى هل كانت هي حقا المرأة التي رأتها الانسة موبرلي في حديقة البيتي ترينون؟

إرسال تعليق

 
Top